الغزو العربي لمصر

الغزو العربي لمصر

حساباتي على السوشيال ميديا

مقدمة
1. الرحلات بين قريش ومصر كانت دائمة یذكر البغدادي أن ھاشم بن عبد مناف، جد النبي الأكبر، قد ھلك في غزة ـ على أبواب مصر
2. عمرو بن العاص كان بيتاجر في مصر ووصل لحد إسكندرية قبل الغزو العربي لمصر
3. نادرا ما كان المؤرخون یذكرون إقامة مصري في مكة، وإذا وجد فھي استثناءات قلیلة جدا، كما حدث مع النجار القبطي، الذي ذكر الأزرقي عنه أنه شارك في بناء الكعبة حينما غمرها طوفان السیول، فأخذت قریش الأخشاب اللازمة للبناء من حطام سفينة رومانية كانت قد غرقت في ميناء الشعيبة قرب جدة (كتاب: خبار مكة وما جاء فیھا من الآثار) ونفس الواقعة بيأكدها الكندي واليعقوبي في كتابه (تاریخ الیعقوبي، الجزء الثاني، ص70)
4. اللافت للنظر في كتب التراث العربية التي تناولت أحداث الفتح العربي لمصر أنها تغفل تماماً وجود الشعب القبطي، وكأن مصر كانت أرضاً منبسطة بلا شعب حين فُتحت، وإنْ أتى ذكرهم فيأتي على استحياء في مواضع عابرة كدافعي جزية ليس إلا.
5. مشكلة هذه المصادر أنها تقدم وجهة نظر الفاتح العربي، الحريص على إظهار صورته المعتدلة في الحكم، وتغفل أي جوانب أخرى للحكاية. وهنا تكمن أهمية مخطوطات يوحنا النقيوسي وساويرس بن المقفع اللذين يقدّمان رواية أخرى تستحق أن تُقرأ.
6. تعالو نتكلم عن القرن الأول والثاني والهجري ونشوف الانصهار ما بين العربي الغازي والمصري المحتل المغلوب على امره حصل إزاي

لنجول سويا ونبدأ رحلة التعرف على رحلة وحقيقة الغزو العربي لمصر

ماريا القبطية

 

1. تم اهداء مارية للنبي قبل الفتح العربي بعشر سنين واللي كان ليها اخت اسمها سيرين ومرافقهم اللي كان محدش عارف اخوهم ولا قريبهم بس الأكيد انه كان مخصي واسمه مابور
2. ماريا كانت من قرية ريفية مصرية اسمها هبنو واللي بعد الفتح بقي اسمه حفن هي كانت قرية قبطية مصرية قديمة بيوتها خشبية ونساءها بيعملوا في الغزل وزراعة وجمع الكروم وكان بيتم فرض ضرائب عند جمع المحصول كل سنة من البيزنطيين عن طريق حكام المقاطعات “الباجارك” والمبلاء الرومان في مصر كان وضعهم افضل حالا من وجودهم في أوروبا
3. كانت القري المصرية يا اما بتخضع لجباية ذاتية باتصالهـا بمكتب الوالي مباشرة أو عن طريق إن القرية تكون مملوكة لواحد من كبار الملاك زي الكونت ابيون أو الكونت امونيوس


شكل الحياة في مصر

والمقریزي یمد خطا فاصلا أفقیا بین الرومان كحاكمین وبین بقیة الأجناس المختلطة الذین ینضمون جمیعًا تحت رایة القبط، فالقبطیة في ھذا السیاق تعني الجنسیة المصریة، أو الشعب الواقع تحت الحكم الروماني في أرض مصر، وقد حاول الرومان إقامة خطوط فاصلة بینھم وبین ھذه الفئات الكثیرة؛ فأقاموا مدنًا على الطراز الإغریقي بشوارعھا العمودیة المتسعة والحمامات الكابیتول والجمانیزیوم والمعابد والقصور ذات الأعمدة الرخامیة، ونمط العمارة الإغریقي الممیز،وجعلوا سكانھا من ذوي الدماء الإغریقیة، مع السماح لقلة من أغنیاء المصریین بالسكن فیھا كما في مدینة بطلمیة ونقراطیس واكسیدنخوس (البھنسا ) وأنطونیوبولیس (ھیرموبولیس) وغیرھا من المدن الإغریقیة، وبمرور الزمن حدث الاختلاط بطیئًا بین العنصرین الروماني وأغنیاء ً المصریین وخصوصا بعد السماح للرومان بالزواج من المصریات، وكانت اللغة الیونانیة لسان أھل ھذه المدن ووسیلة ممارستھم لطقوس الحیاة الثقافیة في المسرح والشعر والفلسفة ومختلف علوم العصر. كما كانت اللغة الرسمیة للبلاد والدواوین ومختلف شؤون الحكم. أما الكثرة الغالبة من القبط ـ أھل البلاد الأصلیین ـ فكانوا یستقرون في القرى المنتشرة في أنحاء مصر، وعددھا ـ كما جاء في «القاموس الجغرافي للبلاد المصریة» لمحمد رمزي ـ حوالي 2395 قریة، منھا 1439 قریة في الوجھ البحري و956 في الوجھ القبلي

ویروي الأنبا شنودة الأخمیمي ـ كما ورد في كتاب «تاریخ الرھبنة والدیریة في مصر وآثارھما الإنسانیة على العالم »(207 (ـ أنھ عندما كثرت أعداد العذارى الراغبات في ممارسة الحیاة ً النسكیة، أقام الأنبا شنودة دیرا للنساء، وجعلھ تحت رئاستھ، ووصل عدد الراھبات فیھ إلى ألف وثلاثمائة راھبة، كما بلغ عدد الراھبات في دیرین من الأدیرة الباخومیة 400 راھبة كن یجتمعن كل مساء للتعلیم، بخلاف النسوة اللاتي كن یأتین ـ بعض الوقت ـ لتلقي علوم الدین ثم یعدن إلى حیاتھن السابقة .

وفي العموم، كانت أدیرة الرھبان من الرجال أو النساء، مراكز للعلم والمعرفة، وكان شرط معرفةً القراءة والكتابة شرطا أساسیا للقبول في الدیر، فأقبل الرھبان على العلم والتعلیم تحت رعایة الكنیسة صاحبة امتیاز الإعفاء من شتى أنواع الضرائب ومالكة الضیاع الواسعة والأراضي الزراعیة التي كان یقوم بعض صغار الرھبان بزرعھا، بالإضافة إلى عملھم في حرف النجارة والحدادة والخزف والنسیج وصناعة الورق، حتى أنتجت الكنیسة المصریة في ذلك الوقت سبعة أصناف من ورق البردي، كما ازدھرت تحت رعایتھا فنون الزخرفة والنحت والرسم والموسیقى وعلوم الطب والكیمیا والحساب وعمارة الأدیرة التي كانت تُبنى كقلاع كبیرة تحیط بھا الأسوار العالیة. وفي فترات غارات الجنود على الأدیرة كان الرھبان یھربون إلى مناطق أبعد في الصحراء ویسكنون «القلالي» المنفردة «فخارج دیر نھیا وبجواره توجد قلالي كثیرة تابعة للآباء الرھبان الذین جاءوا من دیر أنبا مقار زمن بطریركیة أنبا بنیامین»

كان نظام ً تحصیل الضرائب من مصر معقدا ومحكما، حیث كان لكل قریة «نقابة من الملاك تعد مسؤولة قانونًا عن الضرائب وإیجار الأرض» ولكل قریة «خزانة تتصل بھا إدارة للحسابات لتحدید المصروفات والجبایات والموظف المسؤول عن تدوین الحساب یعرف باسم Logagraphe. ویجري إعداد قوائم بالضرائب التي أداھا كل فرد مع ذكر اسمھ ومقدارھا ویرسلھا مسؤول الخزانة بعد ذلك إلى مكتب الوالي»
من كتاب ” إقليم المنيا في العصر البيزنطي في ضوء أوراق البردي” ص: 37

لم یكن أمام الفلاح القبطي سوى الامتثال لھذا النظام الضرائبي الصارم الذي یربطھ ربطا لا فكاك منھ بالأرض والقریة، وحینما لجأ بعضھم إلى بعض الحكام العسكریین لیستجیروا بھم، ً أصدر الإمبراطور «قسطنطینیوس» مرسوما سنة 395م شدید اللھجة یقول فیھ :

كل من بلغت به الجرأة لضم ھؤلاء الأشخاص إلیھم  بوعد الحمایة ومنعھم من أداء ما علیھم من الأعباء العامة سیضطر لدفع الأعباء التي على الفلاح من مجموع الفلاحین الذین ھجروا قراھم وسیطلب إلیه الدفع من دخله الشخصي، وكل من دخل تحت حمایتھم وجب رفع ھذه الحمایة عنه

الغزو (الفتح الاسلامي) العربي لمصر

وبعد الفتح العربي وسیطرة العرب على مقالید الحكم في مصر، تمسك عمرو بن العاص بنظام تقسیم البلاد والعباد، الموروث عن الرومان، كما ھو؛ فجمع مقدمي القبط وأقرھم على جبایة الروم، ویقول في رسالة لھ إلى الخلیفة إنھ فتح مدینة ـ یقصد الإسكندریة ـ بھا أربعون ألف یھودي علیھم الجزیة، وبالطبع لم یكن ھذا عدد كل الیھود القاطنین أرض مصر، وربما تركزت ھذه ً النسبة العالیة من الیھود في الإسكندریة نظرا لاشتغالھم بالتجارة والصیرفة وغیرھا من الأعمال، بالإضافة إلى أنھ كان بمصر من الیھود عدد كبیر لا یعمل بتجارة الأموال، وإنما وجدوا في طوائف حرفیة أخرى بنسب أقل، وكانوا یعیشون في تجمعات تخصھم. وأبقى العرب على نظام العمل في الدواوین كما ھو مع إحلال بعض القبط محل الروم الراحلین، واحتفظوا بالتقسیم الإداري للأقالیم والمدن والقرى، كما حافظوا على أسماء القرى المصریة كما ھي، أو حرفوھا ً قلیلا لیفھمھا العربي مختلف اللسان. وذلك على العكس من الرومان الذین حاولوا أن یضعوا لقرى ً والمدن المصریة أسماء یونانیة، وظل استخدامھا مقصورا علیھم فقط، أما الجمھور القبطي فقد ً ظل متمسكا بالأسماء المصریة القدیمة

من كتاب ” إقليم المنيا في العصر البيزنطي في ضوء أوراق البردي” ص: 33

كما حافظ العرب على طرق جبایة الضرائب، بل وعلى أنواعھا، من الضرائب العینیة التي تجمع في لأھراء أو المخازن الحكومیة لمؤونة الجند. وبالإضافة إلى الضرائب العینیة، كانت ھناك أخرى نقدیة عن المحاصیل الأخرى، وخراج الأراضي، وقانون الضیافة ثلاثة أیام للعرب الحالین بالقرى، وقوانین ضیافة السلطان مع إضافة بند تكالیف كسوة الجند والجزیة المدفوعة على الرؤوس، وغیرھا. وقد حافظ عمرو على الخطوط بین جماعات الناس، فبنى مدینة الفسطاط لتكون مدینة عربیة الطابع، وقسمھا إلى خطط، وأسكن كل قبیلة خطة، وأسكن بقیة الروم المتعاونین معھ خطة الحمراوات، وأسكن الفرس الآتین معھ من الشام خطة أخرى
المصدر هوامش الفتح العربي لمصر ص: 73

وفي خطبة عمرو إلى جنوده یحثھم على الذھاب إلى المرابع ثم العودة إلى الفسطاط، یقول لھم: «فتمتعوا في ریفكم ما طاب لكم، فإذا یبس العود وسخن َّ العمود وكثر الذباب وحمض اللبن وصوح البقل وانقطع الورد من الشجر فحي إلى فسطاطكم على بركة الله، ولا یقدمن أحد منكم ذو عیال على عیالھ إلا ومعھ تحفة لعیالھ على ما أطاق سعتھ أوعسرتھ »
المصدر كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة ص: 73

لما رجع عمرو من الإسكندرية في سنة إحدى وعشرين أو غيرها نزل موضع فسطاطه وتنافست «3» القبائل بعضها مع بعض في المواضع، فولى عمرو بن العاص معاوية بن حديج التجيبي «4» ، وشريك بن سمي الغطيفي، وعمرو بن قحزم «5» الخولاني، وحيويل «6» بن ناشرة المعافري على الخطط، وكانوا هم الذين نزلوا الناس وفصلوا بين القبائل. وذلك في سنة إحدى وعشرين من الهجرة، واستمر عمرو على عمله بمصر، وشرع في بناء جامعه بمصر إلى أن عزله عثمان عن ولاية مصر في سنة خمس وعشرين بعبد الله بن سعد بن أبي سرح بعد أن أنتقض صلح أهل الإسكندرية وغزاه عمرو في السنة المذكورة.

وسبب ذلك أن ملك الروم بعث إليهم منويل الخصي في مراكب من البحر، فطمعوا في النصرة ونقضوا دينهم، فغزاهم عمرو في ربيع الأول سنة خمس وعشرين
المصدر كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة ص: 65

المقريزي في كتابه “المواعظ والاعتبار” تحت عنوان ( ذكر ما عمله المسلمون عند فتح مصر في الخراج وما كان من أمر مصر في ذلك مع القبط ) يذكر لنا المقريزي القصة التالية: “وعن هشام بن أبي رقية اللخمي أن عمرو بن العاص لما فتح مصر قال لقبط مصر : ان من كتمني كنزا عنده فقدرت عليه قتلته. وان قبطيا من أرض الصعيد يقال له بطرس ذُكر لعمرو أن عنده كنزا، فأرسل إليه فسأله فأنكر وجحد، فحبسه في السجن وعمرو يسأل عنه: هل تسمعونه يسأل عن أحد؟ فقالوا: لا إنما سمعناه يسأل عن راهب في الطور. فأرسل عمرو إلى بطرس فنزع خاتمه، ثم كتب إلى ذلك الراهب أن ابعث إلى بما عندك، وختمه بخاتمه. فجاء الرسول بقلة شامية مختومة بالرصاص، ففتحها عمرو فوجد فيها صحيفة مكتوب فيها ( ما لكم تحت الفسقية الكبيرة ). فأرسل عمرو إلى الفسقية فحبس عنها الماء، ثم قلع البلاط الذي تحتها فوجد فيها اثنين وخمسين إردبا ذهبا مصريا مضروبة. فضرب عمرو رأسه عند باب المسجد، فأخرج القبط كنوزهم شفقا أن يبغى على أحد منهم فيقتل كما قتل بطرس
كرر المقريزي هذه القصة مرتين في الجزء الأول (4و8) صفحة 141 و313
وتمسكت الأرستقراطیة العربیة في البدایة بعزلتھا عن بقیة الملل والطوائف كنوع من أنواع الترفع والتعالي على الشعب المصري الزارع للأرض والقائم بأمر الحرف المختلفة، واحتفظوا لأنفسھم بمھام الحرب والحكم والسیاسة لأن العرب، كما یقول ابن حبیب، تعیش من سیوفھا ورماحھا، وقد كان عمر بن الخطاب ینھى العرب عن الزرع كي لا یذلوا وینشغلوا بھ عن الجھاد

ولزمن طویل ظلت العزلة بین العرب والقبط قائمة فیما یشبھ الانفصال الاجتماعي، ویمكن أن یسمى التماس بینھما في الفترة الأولى تماس السطح والقاع، أو تماس الحاكم والمحكوم وما ینطوي علیھ من عسف جانب وخضوع الآخر، دون أن یمتص أحدھما الآخر أو یحویھ تحت جناحھ لأكثر من ثلاثة قرون .

وقد بالغ بعض الولاة في التمسك بالتقسیم الإداري للبلاد، ووضع القیود على نظام الجبایة، حتى إننا نجد في بردیة عربیة أوامر صارمة موجھة من أحد الجباة إلى آخر مسؤول عن ضرائب مدینة أنصنا، فیقول بلھجة شدیدة :استحضر لنا من مدینة أنصنا بقطر الطحان، ومر العمال بإحضاره ـ وكان بقطر ھذا قد تأخر في دفع ضرائبھ ـ واستحضر إلینا أسرتھ أجمعین واستحضر أباه وابنھ واستعجل إحضاره إن شاء الله
الفلاح المصري بين العصر القبطي والعصر الإسلامي، ص128

وفي زمن قرة بن شریك في 90 هجريا زادت وطأة الضرائب على الفلاحين إلى حد غیر مسبوق، وكان «الناس يھربون ونساؤھم من مكان إلى مكان» ولكنھم لا یجدون مجتمعًا آخر یمكن أن یقبلھم «فلا یأویھ موضع»، وبدأت إجراءات قرة ورجالھ لمنع الھروب تصبح أشد قسوة من إجراءات انتزاع الضرائب، وأخذ والي سخا، على سبیل المثال «یجمع الذین یھربون من موضع ویردھم ویربطھم ویعاقبھم ویعید كلا منھم إلى موضعھ»، وأصدر قرة أوامره بأن «لا یؤوي أحد غریبًا في البِیَع ولا الفنادق ولا في السواحل»، وطلب من الرھبان أن یعیدوا أي شخص یرید الدخول في سلك الرھبنة، ووصل بھ الأمر إلى وضع علامات تمییز قاسیة على جسد الرھبان، بأن «أحصى الرھبان ووسمھم كل واحد منھم بحلقة حدید في یده الیسرى لیعرف، ووسم كل واحد باسم بیعتھ ودیره بغیر صلیب بتاریخ مملكة الإسلام »

«وإذا ظھروا بھارب أو غیر موسوم قدموه إلى الأمیر فیأمر بقطع أحد أعضائه ویبقى أعرج، ولم یكن یحصى عدد من شوه به على ھذه القضیة، وحلق لحى كثیر وقتل جماعة وقلع أعین جماعة بغیر رحمة»
ساویروس بن المقفع، تاریخ البطاركة، الجزء الأول، ص146- ص148

وبخلاف تحدید مواطن الإقامة، وحظر الانتقال من مكان إلى آخر إلا بالتصاریح الرسمیة، تعددت مظاھر العزل الإجباري بین الناس، ومنھا عزلة الملبس والھیئة بفرض أنماط معینة من الثیاب على أصحاب كل دین، فاحتكر العرب زیا معینًا لا یلبسھ غیرھم ولا یتشبھ بھ سواھم، وفُرض على الأقباط زي، وعلى الیھود زي آخر .

وداخل صفوف الأقباط اختلف زي الرھبان المصنوع من الخیش عن زي رجال الكنیسة عن زي الفلاحین عن زي ساكني المراكز والمدن .وكان یمكن تمییز الدین والملة والوضع الاجتماعي بسھولة من النظرة الأولى لعابري الطریق، أو للمتعاملین في الأسواق والحمامات العامة .

وفي العموم، تخصصت مصانع معینة في صنع ملابس السادة بخلاف تلك التي تصنع ملابس العامة، وقد «أطلق علیھا طراز الخاصة وطراز العامة>>
المصدر : حسن الباشا، فن التصویر في مصر الإسلامیة

ونلاحظ تغیر رد فعل القبط إزاء العرب الحاكمین منذ عام 107ھـ، وفیھ بدأت ثورات القبط في التوالي والتتابع حتى عام 226ھـ، حینما قمع المأمون قبط مصر ونكل بھم وأعمل فیھم السیف فما ً أبقى، والأسر فلم یرحم أحدا مما أدى إلى انكسار شوكة الثورات القبطیة لأزمان طویلة قادمة.

ویبدو أن القبط قبل عام 107ھـ، كانوا یلجأون إلى استخدام أسالیب المقاومة السلبیة، ومن أبرزھا الفرار إلى حیاة الرھبنة والأدیار المعفاة من عبء أداء الجزیة وأنواع الضرائب الأخرى؛ حتى ألغى عبد العزیز بن مروان ھذا الامتیاز

المصدر: هوامش الفتح العربي ص: 78

لقد أخذ العرب في الزواج من نساء القبط دون أن یسمحوا بزواج العربیات من القبط، وشاع بین العرب المثل القائل: «یأكلھا التمساح ولا یأخذھا الفلاح»؛ بمعنى أن العربي یفضل أن تھلك ابنتھ ً أو أختھ أو قریبتھ وتموت على أن تتزوج من قبطي سواء أكان فلاحا أم غیره، ولذلك نلاحظ أن حركة التزوج والتناسل بین الطرفین ـ في العموم ـ ذات اتجاه أحادي یبتلع النساء المصریات في المجرى العربي الذي كان الرجال فیھ یتزوجون من عدة زوجات ویستمتعون بأي عدد شاءوا من الجواري والإماء .
والأقباط یعانون كثرة الضرائب، وشدة الجباة والولاة، وحرمانھم من الامتیازات التي كان یتمتع بھا العرب؛ بالإضافة إلى القیود المفروضة على ممارسة طقوسھم الدینیة بحریة «فلا یرتفع ناقوس أو تعلو ترانیم»، وأصبحت الكنیسة في كثیر من الأحوال عاجزة عن الدفاع عن نفسھا، ً فضلا عن الدفاع عن رعایاھا من الشعب القبطي أمام تقلبات مزاج الولاة وعسف جنودھ
سنجد بعد ذلك أمثلة قاسیة مثلما حدث حینما أمر الحاكم بأمر الله الفاطمي بمنع الحدیث باللغة القبطیة في 1البیوت والطرق ومعاقبة كل من یتحدث بھا بقطع لسانھ، فاضطر القبط إلى وضع الستائر على أجنحة الھیاكل وقت صلاة القداس وإجراء الخدمة الإلھیة سرا خوفًا من الحكام الذین كانوا إذا سمعوا الصلاة بھذه اللغة ھجموا على الكنائس، وفتكوا بمن بھا بلا رحمة.
مزید من التفاصیل، انظر: المقریزي، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، الجزء الأول، ص8

وقد تمسك أسامة بن زید التنوخي وده كان المسئول عن خراج مصر في عهد أبناء عبد الملك بن مروان اللي هم الوليد وسليمان، فهنلاقي انه تمسك بنصیحة الخلیفة الشره إلى الطعام والثروات، وعمل على جمع كل ما یستطیع من الأموال، وبعثھا إلیھ. ویعلق المقریزي على أفعال ً أسامة بن زید بأنھ «عمل فیھا عملا ما عملھ فرعون، واشتد على نصارى مصر، وأمر بقتلھم وأخذ أموالھم، ووسم أیدي الرھبان بحدیدة علیھا اسمھ ـ الراھب ـ واسم دیره وتاریخھ، فكان من وجد منھم بغیر وسم قطع یده… وكتب إلى الأعمال بأن من وجد من النصارى ولم یكن بیده منشور یؤخذ منھ عشرة دنانیر »

المقریزي، المقفى الكبیر، ص4
لسنوات طويلة ظل صوتا النقيوسي وابن المقفع من الأصوات المهملة، نظراً لما يسجلانه من وقائع صارخة، وتفاصيل حادة عن الفتح العربي لمصر، وذلك بدعوى أنهما قبطيان متحاملان على العرب لا يصح الأخذ بشهادتهم، حتى جاء بعض الباحثين المحدثين واستدعوهم، لكن بالقدر الذي لا يخل بصورة العربي المتسامح.

المفارقة أنه بالتدقيق، نكتشف أن أصوات مثل الطبري، البلاذري، السيوطي، والمقريزي يذكرون في مواضع كثيرة ما يتفق مع سردية الصوتين القبطيين. صحيح هي إشارات عارضه، لكن اختلاف المواقع هو الذي يحدد الرئيسي والثانوي في صياغة أي قصة.

فالطبري مثلاً في كتابه “تاريخ الأمم والملوك” يذكر أن الجيش العربي الفاتح أسر أعداداً كبيرة من المصريين، حتى أن صفوف العبيد من القبط امتدت من مصر إلى المدينة، وهو الشيء نفسه الذي أكده البلاذري في كتابه “فتوح البلدان”.

أما القلقشندي فيؤكد رواية النقيوسي عن احتقار العرب للمصريين في كتابه “صبح الأعشى” ويروي الخلاف الذي حدث بين الفاروق وابن العاص، بعدما سمح الأخير للقبط بالبقاء في وظائف جباية الخراج وحساب الضرائب، ما تعارض مع رغبة عمر بن الخطاب الذي أراد حصر عملهم بالزراعة فحسب، فأرسل إليه معاتباً: كيف تعزهم وقد أذلهم الله.

ويروى الطبري في كتابه “تاريخ الأمم والملوك” تقريباً نفس قصة ابن المقفع عن معاناة المصريين في حفر قناة أمير المؤمنين (من الفسطاط إلى السويس)، في عمل من أكبر أعمال السخرة الجماعية، إذ تم انتزاع 120 ألف قبطي من الأرض لتسخيرهم لشق القناة، تحت وقع سنابك خيول فرسان العرب ورماحهم.

 

الغزو العربي لمصر

شارك المقال مع اصدقائك